الإحصاء الفلسطيني يصدر بياناً صحفياً بمناسبة اليوم العالمي للأفراد ذوي للإعاقة 03/12/2025
في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، يواجه قطاع غزة واقعاً قاسياً؛ فارتفاع الإصابات وتحوّل الكثير منها إلى إعاقات دائمة، يقابله دمار واسع في المراكز الصحية، ونقص حاد في الإمدادات الطبية والأجهزة المساعدة (كالكراسي المتحركة، والمشّايات، والأجهزة السمعية المساعِدة، والنظارات، والعكازات، والأطراف الصناعية)، ونقص خدمات التأهيل. ومع استمرار الحصار وتعطّل الإمدادات الطبية، تتزايد الاحتياجات بشكل يفوق قدرة النظام الصحي. هذا اليوم يذكّر بأهمية حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وضمان وصولهم إلى الرعاية والدعم.
الإصابات الجسيمة تتضاعف وأعباء الإعاقة تتعمّق
كشف تقرير صادر في أيلول/سبتمبر 2025 عن منظمة الصحة العالمية أنها تقدر أن نحو 42,000 شخص في قطاع غزة يعانون من إصابات جسيمة تُعد مغيّرة للحياة، وتتطلب تأهيلاً مستمراً طويل الأمد. وقد تضاعف تقريباً عدد هذه الإصابات خلال عام واحد فقط، حيث أشار التقرير إلى أن العدد المقدّر للإصابات المغيرة للحياة بلغ نحو 22,500 إصابة حتى تموز/ يوليو 2024.
شملت الأنواع الأكثر انتشاراً من الإصابات الجسيمة المغيرة للحياة؛ إصابات الأطراف المعقدة، والبتر، والحروق، وإصابات الحبل الشوكي، والدماغ، والصدمات الشديدة التي تؤدي إلى فقدان دائم لوظائف الحركة أو الإحساس. وتشير التقديرات إلى تسجيل عشرات آلاف الحالات من إصابات الأطراف الكبرى، إلى جانب أكثر من خمسة آلاف حالة بتر، ما يقارب 75% منها في الأطراف السفلية. كما وثق التقرير آلاف حالات الحروق الشديدة والإصابات في الحبل الشوكي والدماغ، إضافة إلى إصابات الوجه والصدر والبطن والحوض، التي تُعد جميعها من الحالات التي تتطلب تأهيلاً متخصصاً ومستمراً.
تقديرات الإصابات الجسيمة بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، 2025
|
نوع الإصابة |
الأعداد المقدّرة (الحد الأدنى – الحد الأعلى) |
|
إصابة كبرى في الأطراف |
21,759 – 28,287 |
|
البتر |
5,021 – 6,528 |
|
الحروق الكبرى |
3,348 – 4,352 |
|
إصابة الحبل الشوكي |
2,009 – 2,611 |
|
إصابة الدماغ الرضّية |
1,339 – 1,741 |
|
إصابات كبرى أخرى (صدر، حوض، بطن، وجه وفكين) |
8,369 – 10,879 |
المصدر: منظمة الصحة العالمية، تقدير احتياجات إعادة تأهيل الإصابات في قطاع غزة. 2025:
ربع المصابين إصابات جسيمة أطفال
خلّف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة آثاراً كارثية على الأطفال؛ إذ يعانون من إصابات جسدية خطيرة وندوب نفسية عميقة تُهدّد صحتهم ومستقبلهم لسنوات طويلة. ويحتاج العديد منهم إلى عمليات جراحية متكررة ورعاية طبية مكلفة، فيما قد تقود الإصابات الأكثر حدة إلى إعاقات دائمة تُغيّر مجرى حياتهم. ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية حتى 24 أيلول/سبتمبر 2025، فإن أكثر من 10,000 طفل في غزة يعانون من إصابات جسيمة مسبّبة للإعاقات، ويحتاجون إلى خدمات تأهيل عاجلة ومستمرة. وتوضح البيانات أن نسبة كبيرة من حالات الحروق سجلت بين الأطفال؛ إذ تشير تقارير منظمة أطباء بلا حدود (MSF) إلى أن 70% من المرضى الذين خضعوا لجراحات الحروق هم من الأطفال، ومعظمهم دون سن الخامسة، ما يعكس خطورة الإصابات التي يتعرض لها الأطفال في ظل تدهور النظام الصحي، ومنع دخول الإمدادات الطبية الأساسية الضرورية للتعافي، ونقص الأجهزة المساعدة (كالكراسي المتحركة، والمشّايات، والأجهزة السمعيّة المساعِدة، والنّظارات، والعكّازات، والأطراف الصناعية).
الإجلاء الطبي يكشف عمق الأزمة
شكلت بيانات الإجلاء الطبي خارج القطاع المسجلين في وزارة الصحة في الفترة من شهر أيار/مايو 2024 حتى تاريخ 30 حزيران/يونيو 2025، مؤشراً آخرَ على خطورة الوضع. فمن أصل 749 مصاباً إصابات جسيمة جرى إجلاؤهم طبياً إلى خارج القطاع، شكّل الأطفال 51% منهم. وتُظهر بيانات الإجلاء أن غالبية الحالات تتعلق بإصابات الأطراف الكبرى، إضافة إلى نسبة كبيرة من حالات البتر تصل إلى 22%، والإصابات العصبية والدماغية، ما يعكس الطبيعة المعقدة للحالات التي تتطلب علاجاً طويلاً وخدمات تأهيل متقدمة لا تتوفر حالياً في معظم مرافق قطاع غزة.
غياب التأهيل يهدّد تعافي المصابين ويطيل رحلة الألم
تُعرِّف منظمة الصحة العالمية التأهيل بأنه مجموعة من التدخلات التي تهدف إلى تحسين قدرة الأفراد على العمل، وتقليل الإعاقة لديهم، لمساعدتهم على التعافي والعيش باستقلالية قدر الإمكان. وفي حالات الطوارئ، يصبح التأهيل ضرورة أساسية لمنع المضاعفات، وتسريع الشفاء.
عادةً ما تُقدَّم خدمات التأهيل في المستشفيات، والمراكز المتخصصة، ومرافق الرعاية الأولية، وفي المجتمع. لكن في قطاع غزة، يواجه هذا النظام ضغطاً غير مسبوق. فالارتفاع الهائل في أعداد الإصابات، إلى جانب تدمير المرافق، وفقدان الكوادر، وتعطّل سلاسل الإمداد، ومنع دخول المساعدات، جعل الخدمات الطبية عاجزة عن تلبية الاحتياجات؛ إذ لم يبقَ أي مركز تأهيل يعمل بكامل طاقته في غزة، فيما انخفض مستوى خدمات إعادة التأهيل بنسبة 62% نتيجة الدمار ونقص المعدات. كما تشير تقارير وزارة الصحة حتى تاريخ 27/11/2025، إلى استشهاد أكثر من 1,700 شخص من الكوادر الصحية وأصحاب الاختصاص، منهم 42 مختصاً في العلاج الطبيعي والوظيفي.
من جانب آخر، اقتصرت التقديرات على الإصابات الناجمة عن الصدمات فقط، ولم تشمل الاحتياجات الواسعة الأخرى لخدمات إعادة التأهيل الناتجة عن حالات صحية مختلفة، والتي تفاقمت بفعل التداعيات الأوسع للعدوان الإسرائيلي على القطاع، كما أن النزوح، وسوء التغذية، وانتشار الأمراض، وغياب الأجهزة المساعدة الأساسية، جميعها عوامل تقوّض، بشكل خطير، فعالية برامج التأهيل، سواء بالنسبة للناجين من الإصابات، أو للأشخاص الذين كانوا يعانون من حالات قائمة مسبقاً. وبناءً على ذلك، فإن العبء الحقيقي لخدمات إعادة التأهيل في قطاع غزة يفوق بكثير التقديرات.
