الإحصاء الفلسطيني يصدر بياناً صحافياً بمناسبة اليوم العالمي للإحصاء
الذي يصادف العشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2025
بين التحديات والواقع ... الإحصاء مرآة الحقيقة في فلسطين
يُصادف يوم العشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2025 اليوم العالمي للإحصاء، ويأتي هذا العام تحت شعار "إحصاءات وبيانات عالية الجودة لفائدة الجميع"، تأكيداً على الدور المحوري للإحصاء في رسم السياسات المبنيّة على الأدلة ودعم خطط التنمية الوطنية والعالمية. وتؤكد هذه المناسبة على أهمية الإحصاء كأداة سيادية لحماية الحق في المعرفة، وتوجيه مسارات التنمية المستدامة المبنية على الشفافية والمساءلة.
وفي فلسطين، يأتي هذا اليوم في ظل تبعات الحرب وويلاتها على الكل الفلسطيني، ليؤكد أن الإحصاء ليس مجرد أرقام، بل قوة قادرة على عكس الحقيقة وتوثيق معاناة الإنسان الفلسطيني، وإبراز صموده من خلال بيانات موثوقة تُسهم في رسم سياسات أكثر عدلاً وإنصافاً.
أكثر من 69,000 شهيد في فلسطين منذ عدوان الاحتلال على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول 2023: أرقام تُجسّد المأساة وتُوثّق الحقيقة
وفقاً للأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، فقد استشهد 68,116 مواطناً في قطاع عزة، منهم حوالي 18,592 شهيداً من الأطفال، وحوالي 12,400 من النساء، إضافة إلى نحو 11,200 مفقود، وأصيب نحو 170,200 مواطناً، وذلك حتى 18/10/2025. كما أدى هذا العدوان إلى نزوح أكثر من مليونَيّ فلسطيني تكبدوا مرارة معاناة النزوح، ولأكثر من مرة، منذ العدوان الإسرائيلي الغاشم والمتواصل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وفي الضفة الغربية، واصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه؛ إذ استشهد 1,054 مواطناً، وأصيب 9,034 آخرين، نتيجة لهجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.
قطاع غزة تحت الركام: نحو 90% من القطاع مدمّر جراء عدوان الاحتلال
منذ عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، قام الاحتلال الإسرائيلي بتدمير أكثر من 102,067 مبنى بشكل كلي، فيما تضرر، بشكل كبير، حوالي 192,812 مبنى، وتقدر أعداد الوحدات السكنية التي تم تدميرها، بشكل كلي أو جزئي، بما لا يقل عن 330,500 وحدة سكنية، إضافة إلى تدمير المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد والكنائس والمقرات الحكومية، إلى جانب آلاف المباني من المنشآت الاقتصادية، وتدمير مناحي البنى التحتية كافة؛ من شوارع، وخطوط مياه وكهرباء، وخطوط الصرف الصحي، وتدمير الأراضي الزراعية، ليجعل من قطاع غزة مكاناً غير قابل للعيش.
أما في الضفة الغربية، وحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد قام الاحتلال الإسرائيلي خلال النصف الأول من العام 2025، بما مجموعه 380 عملية هدم استهدفت ما مجموعه 588 منشأة في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، من ضمنها 322 مسكناً مأهولاً، وقد بلغت عمليات الهدم في محافظة القدس 67 عملية هدم خلّفت 79 منشأة مهدومة. وتشكل هذه الممارسات، التي تسعى إلى اقتلاع الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، انتهاكاً لحقوق الإنسان في امتلاك السكن.
عدد عمليات الهدم والمنشآت المهدومة من قبل الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية خلال النصف الأول من الأعوام 2023-2025
أزمة إنسانية حادة: 85% من شبكات المياه والصرف الصحي مدمرة في قطاع غزة
أظهرت التقييمات الأولية أن أكثر من 85% من مرافق وأصول المياه والصرف الصحي في قطاع غزة قد خرجت عن الخدمة كلياً أو جزئياً جراء العدوان الإسرائيلي، بتكلفة تقديرية لإعادة التأهيل تتجاوز 1.5 مليار دولار، ويشمل ذلك محطات المعالجة والتحلية والضخ، والآبار، والخزانات، وخطوط النقل، وشبكات المياه والصرف الصحي. وقد أدى هذا الدمار إلى تراجع حاد في معدلات التزوّد بالمياه، حيث إن حوالي 49% من الأُسر في القطاع يكاد يحصل أحد أفرادها على أقل من 6 لترات فقط يومياً، وذلك لأغراض الشرب والطبخ؛ أي أقل بكثير من الحد الأدنى الإنساني المقدر بحوالي 15 لتراً للفرد الواحد وفق معايير منظمة الصحة العالمية.
غلاء غير مسبوق يثقل كاهل الفلسطينيين
بعد عامين من عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تضاعفت أسعار المستهلك لأكثر من 5 مرات منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 (512%)، فيما استقر مؤشر أسعار المستهلك في الضفة الغربية للفترة نفسها. وخلال الثمانية أشهر الأولى من العام 2025، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، سجل مؤشر غلاء المعيشة ارتفاعاً حاداً نسبته 33% لفلسطين، مدفوعاً بالارتفاع الحاد للسلع الاستهلاكية الذي لا يزال قطاع غزة يعاني منه في ظل استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي عليه، ليسجل ارتفاعاً نسبته 78% للفترة نفسها، فيما لا تزال مستويات الأسعار في كل من الضفة الغربية والقدس J1 مرتفعة، ولكن بأقل حدة مما كانت عليه العام الماضي، لتسجل ارتفاعاً نسبته 1.54% في القدس J1، وبنسبة 0.21% في الضفة الغربية للأشهر الثمانية الأولى من العام 2025.
معدلات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي تهدد حياة الفلسطينيين في قطاع غزة
قبل عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، كانت معدلات الفقر تتجاوز 63%، حيث يبلغ خط الفقر في فلسطين حوالي 2,717 شيكلاً إسرائيلياً، فيما بلغ خط الفقر المدقع (الشديد) حوالي 2,170 شيكلاً إسرائيلياً. وبعد العدوان المستمر على قطاع غزة، يمكن القول إننا تجاوزنا مفهوم الفقر، وأصبحنا نتحدث عن مستويات مختلفة من المجاعة. كما تراجع إجمالي الاستهلاك بنسبة 31% (بحوالي 13% في الضفة الغربية، و80% في قطاع غزة) وهو ما يعكس الأثر المباشر على مستوى المعيشة لدى الأفراد في فلسطين، ورافق ذلك ارتفاع في معدلات البطالة في فلسطين. بمعنى آخر، يمكن القول إن معظم الأفراد في قطاع غزة يعانون من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي. وتشير البيانات إلى أن حوالي 96% من السكان في قطاع غزة (2.1 مليون نسمة) يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
قطاع غزة يغرق في البطالة: أكثر من 80% من القوى العاملة بلا عمل
ارتفع معدل البطالة في فلسطين خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة ليصل إلى 50%، بواقع 34% في الضفة الغربية، و80% في قطاع غزة، ليبلغ عدد العاطلين عن العمل حوالي 550 ألف عاطل عن العمل في فلسطين، فيما ضيّق الاحتلال الإسرائيلي على حركة العاملين في الداخل المحتل، فقبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تشير البيانات إلى أن حوالي 180 ألف عامل كانوا يعملون في إسرائيل والمستوطنات بشكل اعتيادي، وكان يعتبر الدخل المتحصل من تلك العمالة في فلسطين من أهم الركائز التي يُعتمد عليها في تحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني.
القطاع الإنتاجي الفلسطيني يتآكل … الإنشاءات تدفع الثمن الأعلى
دمر الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد على 85% من البنية التحتية في قطاع غزة وبالتالي فإن معظم الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة تم تدميرها؛ فعلى المستوى القطاعي، سجل نشاط الزراعة والحراجة وصيد الأسماك تراجعاً نسبته 30% بواقع (6% في الضفة الغربية، و94% في قطاع غزة)، ونشاط التعدين، والصناعة التحويلية والمياه والكهرباء بنسبة 33% بواقع (26% في الضفة الغربية، و94% في قطاع غزة)، ونشاط الإنشاءات بنسبة 57% بواقع (48% في الضفة الغربية، و98% في قطاع غزة)، ونشاط الخدمات بنسبة 27% بواقع (15% في الضفة الغربية، و83% في قطاع غزة).
وفي اليوم العالمي للإحصاء، تثبت الإحصاءات أن ما يواجهه الفلسطينيون ليس مجرد أرقام، بل حقيقة نعيشها ونعكسها للعالم، وهي شهادة حيّة على معاناة شعبنا وصموده أمام العدوان الإسرائيلي الغاشم، فالإحصاء الفلسطيني يظل أداة سيادية، توثّق الألم وتكشف المأساة، وتدافع عن الحق في المعرفة والعدالة، لتكون البيانات قوةً تُسهم في رسم سياسات إنسانية عادلة، ودعم جهود إعادة بناء ما دمره الاحتلال، ولضمان أن تبقى الحقيقة الفلسطينية شاهدةً على صمود الشعب وأمله في حياة كريمة ومستقبل أفضل.